يا طاغية البحرين: لست أقوى من فرعون ولا الصهاينة، فاقض ما انت قاض
حاكم البلاد يدق طبول الحرب ضد اهل البحرين علنا، بعد ان شنها سرا على مدى عقد كامل من الزمن. وبدلا من ان يقرر اعتقال المجرمين الذين مزقوا جسد الشهيد خليل آل نوح في العشرين من يوليو 1998، عمد لتهديد الضحايا بالمزيد من العذاب والشقاء. لم يكن امرا عفويا صدور التهديدات من قصر الصافرية، معقل الطائفية والحقد والاستبداد والتضليل.
فعلى مدى ثمانية اعوام متواصلة لم يصدر عن هذا المكان سوى الاذى للناس والتآمر ضد مصالحهم، وتهييج العواطف واثارة ا لحساسيات الطائفية، وخطط التدمير ضد البلاد والعباد. لم يصدر عن هذا ا لمكان الا التهديد والقمع، والا السرقة والنهب، ومن لا يرى ذلك فهو اما اعشى او مشارك في الظلم الخليفي الذي يزداد سوءا. ابواق هذا القصر الذي شيد على جماجم الشهداء باموال المحرومين، تتصاعد بنغمات كريهة لتؤكد استمرار النهج الاموي في التعامل مع اهل البلاد الاصليين (سنة وشيعة)، ولتكرر ممارسات المحتلين الصهاينة في فلسطين وما فعلوه من منكرات بحق اهلها. تاريخ الظلم يكرر نفسه، ومعه الظالمون والمستبدون، الذين يستغلون مناصبهم لاخماد الاصوات المناوئة والصيحات المطالبة بالاصلاح. لقد فشل الشيخ حمد فشلا ذريعا في مشروعه، كما اعلن عنه، ولم ينجح من ذلك ا لمشروع سوى القسم السري منه. فليس هناك اصلاح يذكر، بل تكريس للاستبداد وشرعنته ودسترة القمع والنهب والسلب، واضعاف البلاد ومصادرة تاريخها وثقافتها.
الامر الذي يبعث على الامل تعمق الوعي الوطني ضد الطغمة الخليفية المجرمة، الامر الذي ازعج الحاكم وجلاوزته، ودفعه لاطلاق تصريحات لم يستطع فيها ان يخفي غضبه وانزعاجه. واذا كان يتوقع غير ذلك فهو مخطيء، لان ا لظلم لا يمكن ان يخفى، وكما يقال، فان “الحقيقة لديها عادة وهي القدرة على اظهار نفسها”. الحقيقة اليوم انكشفت، وظهرت للجميع، فلم تعد سياسات التضليل قادرة على اخفاء الوجه القببح للحكم الخليفي المقيت. واذا كان هذا الوجه كالحا خلال الحقبة السوداء، فانه اصبح اليوم أشد سوادا وظلمة، بعد ان تمادى اصحابه في تنفيذ بنوده وفصوله. لقد بدأ اهل البحرين يدركون ان عهد حمد يفوق في سوئه كافة عهود سابقيه بطائفيته وتمييزه ونهبه وظلمه. فمن بين 29 وزارة (24 بشكل رسمي، وخمسة مناصب برتبة وزير) أسند الحاكم 17 منها لأفراد عائلته، فما الذي يجري؟ والى اين تتجه “ديمقراطية” حمد؟ ومن بين سواحل البلاد، لم يبق سوى بضعة كيلومترات منها مفتوحة امام المواطنين، بينما وضع اللصوص الخليفيون ايديهم على اغلبها. وبينما كان شباب البحرين يعتقلون على الشبهة والظن، فانهم اليوم يودعون غرف التعذيب بهدف الانتقام والتنكيل وان لم يفعلوا ما يعاقب عليه القانون الذي وضعه الطغاة انفسهم. واذا كان المواطن البحراني العادي آنذاك يعاني من شحة السكن، وينتظر سنوات للحصول على قسيمة ارض او منزل متواضع، فانه اليوم ممنوع من التفكير في ارض او منزل، بعد ان قرر آل خليفة بيع اراضي البلاد لحلفائهم من اثرياء الدول الاخرى وامرائها، واصبح على البحراني اما ان يعيش حالة ضنكا بمنزل اهله، او يغادر البلاد بحثا عن وظيفة وسكن. انها الممارسة الصهيونية التي شجعت اهل فلسطين على بيع اراضيهم باثمان بخسة، للمستوطنين الذين جاؤوا من كافة اصقاع الارض. فالبحراني اليوم مطرود من بلده، مزلزل من وطنه، مدفوع الى الهجرة الى خارج مسقط راسه، ليملأ المجنسون مكانه ويستولوا على ارضه وتراثه وثقافته.
لقد اصبح الحاكم يضيق ذرعا بمطالب المواطنين، فأصبح يرعد ويزمجر، ويطالب من تطاله يداه بالصمت او التعرض للاعتقال والتعذيب. وبعد ان ساق شباب البحرين الى زنزانات تعذيبه، بعد محاكمات صورية تراسها أحد أفراد عائلته الظالمة، وانتقدتها المنظمات الحقوقية الدولية مثل هيومن رايتس ووج وفرونت لاين، أزبد الحاكم وأرعد وفقد صوابه وهو يخاطب اعضاء مجالسه الصورية، وطالبهم باحترام ما يسميه “القضاء” الذي ليس سوى ذراع قمعية اخرى لدى العائلة الخليفية التي احتلت البحرين بالنار والحديد. ولم يستطع هذا الحاكم اخفاء تهديداته وهو يتحدث الى رؤساء تحرير الصحف الخاضعة للاحتلال الخليفي، بل وجه تهديدات خطيرة بالاعتقال والسجن والتعذيب ان استمرت المعارضة السلمية لنظامه ا لقمعي. وهدد بالمزيد من الاجراءات ضد هؤلاء، ووبخهم وتوعدهم، وكاد يفقد صوابه وهو يوجه الانتقادات اللاذعة لمن انتقد المحاكمات الصورية، مهددا ومتوعدا. انه يسعى لتمرير مخططه باستعمال لغة حديثة ومصطلحات عصرية كالديمقراطية والبرلمان والحرية، بينما يمارس أبشع أشكال الاستبداد والتنكيل بالبشر. وبينما استبشر البعض خيرا عندما افرغت السجون فترة من معتقلي الرأي، عاد الوضع مجددا لأبشع مما كان عليه، وفتحت زنزانات التعذيب على مصاريعها، وأعيد المعذبون الى مواقعهم، وسالت دماء شباب البلاد من أشلائهم التي مزقها الحقد الخليفي الاسود.
الامر الايجابي في كل ذلك عودة الوعي للمواطنين بعد سنوات من التخدير والتضليل والتشويش، حتى اصبح الكبير والصغير، الغني والفقير، السياسي وغيره، يتحدثون بلغة واحدة، ويرفعون اصواتهم بالظلامة الواقعة على اهل البحرين من قبل هذه الطغمة الجائرة الفاسدة. افراد هذه الطغمة ورموزها يعتقدون ان بامكانهم خنق اهل البحرين واجثثاثهم منها، وانهم قادرون على اسكات الاصوات الشريفة التي تواصل مقاومتها لحكمهم العفن، ولكنهم مخطئون في ذلك. لقد رفعوا عقيرتهم مجددا ضد النشطاء في الداخل والخارج، ولكن الله أفشل خطتهم الماكرة، وحمى المظلومين من كيدهم. لقد ضاقوا ذرعا بمنح المناضلين حق اللجوء السياسي في عدد من البلدان، وكررت ابواقهم انتقاداتها للدول التي تمنح المظلومين حق اللجوء السياسي، ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا “قل موتوا بغيظكم ان الله مخرج ما كنتم تحذرون” لقد دخلت البلاد مرحلة جديدة من المواجهة التي لا يستبعد ان تكون حاسمة هذه المرة بين اهل البحرين المظلومين والطغمة الباغية التي تروج للقول ان هناك جهات اجنبية تخطط ضدها، وذلك هاجس الظالم الذي لا يرعوي والذي يحاصره ظلمه حتى في منامه. فالله ينصر عباده الصابرين الذين يسعون للاصلاح ومواجهة الظلم واقامة العدل في مجتمعاتهم: “انا لننصر رسلنا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الحساب”، وانه ليمحق الظالمين بلا هوادة امام صمود المستضعفين والمظلومين: “ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم آئمة ونجعلهم الوارثين، ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون”. فهل سيكونون اقوى من فرعون وهامان؟ ام ان لديهم قوة اقوى من الصهاينة، فلينظروا ما فعل الله بهم على ايدي المؤمنين الصابرين المحتسبين، الذين “لا يقارون على كظة ظالم ولا سغب مظلوم”، “انهم لهم المنصورون، وإن جندنا لهم الغالبون”.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وتقبل قرابيننا يا رب العالمين.