من يدافع عن هذا الوطن ويهزم جند الشيطان؟
ابطال أوال ما فتئوا صامدين بوجه الأعداء الذين تفوقوا على الصهاينة في القمع والتعذيب والاستئصال والقضاء على الهوية بعد احتلال الارض ومصادرة حقوق أهلها. نتصفح الصور فنرى في وجه كل منهم عنوانا لمستقبل مشرق كتبت حروفه بدماء الاحرار، ولم تفلح جهود الاعداء في تشويش ملامحه. سيماء الخير تلوح على جبين كل منهم، فتقرأ فيها معاني الإباء والشمم، والشموخ.
نظرة سريعة في صفحات ما تبقى من مجال اعلامي ضيق وفرته المنتديات الممنوعة، تكشف اسماء كتبت في صفحات المجد: ناجي فتيل، مجيد القطان، عبد الله محسن، حسن عبد النبي، ساجدة علي الجدحفصي. انها اسماء لأشخاص مزقت اجسادهم مباضع الجلادين من عتاة النظام الجاثم على صدور اهل البحرين. جراحهم تتكلم بالمأساة وتستحث همم الآخرين للتحرك ضد الظلم المتواصل والقمع المقنن، والارهاب الذي يتخفى وراء “ديمقراطية” بدوية ما برحت تصادر الحريات وتحاكم الناس على ما يقولون، وتفرض غرامات مالية على الكتاب والاعلاميين عندما يحيدون عن “الجادة” التي رسمتها العائلة الخليفية القمعية. الدماء التي تسيل من جراح اولئك الأباة الذين يرزحون في زنزانات النظام الخليفي تتكلم باسم الشعب، تحكي ظلامته، وتشتكي الى الله ما ترتكبه أيدي الاجرام، وتبقى نازفة حتى يرث الله الارض ومن عليها. ما بال هؤلاء الاشاوس قابعين وراء القضبان، وهم الأسود الذين لا ينامون على ضيم، ولا يصافحون طاغية، ولا يستسلمون لمجرم او سفاح او مستبد. ما بال الواحد منهم يتحدى جراحه، ويرفض ان ينطق بكلمة “آه” كلما تهاوت عليه سياط الجلادين، لانه لا يريد ان يوفر لهم ما يشعرهم بالنصر. يستقبل السياط ثابتا مطمئنا بموقفه، مؤمنا بربه، موقنا ان يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم.
الصور التي تتكرر على صفحات المنتديات لا تجد طريقها الى صفحات الاعلام السلطوي، والابواق الدعائية التي تطبل لنظام الاستعباد والقمع. فصورة عبد الله محسن، وكمامة الاوكسيجين على فمه، تحكي ألف قصة وقصة، ومشهد حسن عبد النبي وهو ملقى على فراش المستشفى وجراحه تنزف دما، ومشهد مجيد القطان، وهو في غيبوبة تواصلت اياما عديدة، كلها وثائق دخلت التاريخ لتخط بدماء اصحابها صفحات من الجهاد ضد الظلم والقمع الخليفي المقيت، واصبحت تمثل للجيل البحراني المولع بالحرية والمدافع عن الكرامة، مثلا كبرى توجه حياته وهو يبدأ دربه على طريق شاق بحثا عن الحق السليب، ودفاعا عن الوطن المحتل. اما ساجدة الجدحفصي فظلامتها من نوع آخر، اذ وقفت حين جلس الآخرون، وتكلمت عندما لاذ الكثيرون بالصمت اما جبنا او خوفا او طمعا. فالجراح التي اصابتها على ايدي عناصر فرق الموت الخليفية كانت بليغة، وعندما ينطق الدم يخرس ما سواه. قررت هذه المرأة تسجيل افادة شخصية للتاريخ، فاذا بالعائلة الخليفية الظالمة تنبري للانتقام عن طريق نظامها القضائي الجائر. في أوال اصبح كل شيء بالمقلوب، فالضحية هو المتهم والمجرم هو القاضي، فأية عدالة هذه التي ترتجى؟ وأي انصاف يمكن تحقيقه؟ ساجدة اصبحت الآن تواجه تهما كبيرة، لانها – ببساطة – كريمة الشيخ علي بن أحمد الجدحفصي، الرجل الصامد الذي لم يتزحزح عن مواقفه لحظة، ولم تنجح اساليب النظام الارهابي في ثنيه عنها.
معاناة المواطنة ساجدة الجدحفصي صورة لمعاناة كافة المواطنين الاحرار. فمن يسعى لافشال مشروع الشيخ حمد التخريبي، ويعترض على سلب اموال الشعب واراضيه وحريته، ويطالب بدستور عقدي بدلا للوثيقة الساقطة التي فرضتها العائلة الخليفية على الشعب في 2002، فانه يعرض نفسه لانتقام وحشي من نظام قائم على التوارث المقيت للحكم، والظلم الذي تم تقنينه في دساتير وقوانين ولوائح بعيدة كل البعد عن الحق والانصاف. انه نظام يشعر بالخوف من الداخل ويسعى لاخفاء ذلك باساليب ماكرة شتى. فما هذه “المناورات” التي اعلن عنها النظام الا واحد من الدلائل على الخوف الذي ينتاب اولئك الظلمة. والا فما معنى هذا التجبر والتكبر والاستعلاء؟ ما معنى ان يكون “حمد” هو محور هذه المناورات؟ وماذا يعني ان يكون المشاركون فيها هم “جند حمد”؟ ليعلم اولئك “المناورون” انهم بذلك انما يواجهون “جند الله” المنتشرين في كل زاوية من انحاء البحرين المعذبة. فكل بحراني يشعر بالظلامة ويسعى لتغيير الوضع، ويشعر انه في مواجهة دائمة مع نظام القهر والاستعباد، فهو احد جنود الله الذين يشرفهم ان يواجهوا “جند حمد” وهم ثلل من المرتزقة الذين لن يضحوا يوما بانفسهم من اجل الوطن. اما جند الله فهم المدافعون عن الدين والحق والوطن والشعب “ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما”. فكل طفل من ابناء اوال يحمل حجرا ويقذف به فرق الموت الارهابية فانه واحد من تلك الجنود المظفرة التي لا يستطيع جند فرعون ان يضاهوهم قوة وثباتا واستبسالا. ان جند حمد سيولون الدبر عندما يتعقبهم جند الله المنصورون، وسيكون مصيرهم مشابها لما اصاب فرعون وجنوده: “فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم ، وأضل فرعون قومه وما هدى” (طه : 78).
بعد الاعلان عن الحرب ضد القرى والارياف في بحريننا المحتلة، هل بقي هناك من يشكك في نوايا هذا النظام الحاقد؟ ألم يحن الوقت للاستغاثة والاستنجاد وطلب النصرة من البشر الآخرين؟ أليس مطلوبا من الجميع وضع حد للميوعة السياسية التي شجعت الحكم الخليفي ودفعته لهذه الفظاعات التي تستهدف وجودنا على ارضنا ووطننا، وتسعى لاستبدالنا بأقوام آخرين من بلدان شتى؟ ما عذر السكوت على ما يجري؟ ما المسوغ الشرعي لمجاملة هذا النظام وتمجيد افراده ورموزه في الوقت الذي لا يتوانى فيه عن الجهر بما في جعبته من خطط اجرامية تستهدف اهل البحرين بهدف القضاء على هويتهم التاريخية والثقافية والدينية؟ ماذا يعني الصمت بعد ان بلغ السيل الزبى؟ وبعد ان تجاوز هذا النظام كل الحدود والقيم والخطوط الحمراء؟ الى متى التقاعس عن القيام بالمسؤولية التاريخية والشرعية للوقوف بوجه الظلم والدفاع عن المظلومين؟ والذود عن ارض الايمان والطهر؟ لماذا الخوف من النظام الاستبدادي الذي أظهرت خططه الاخيرة انه يخاف من ظله ويخشى من غضب هذه المجموعات الصغيرة التي تمارس الاحتجاج السلمي بدون خوف او وجل؟ ايها الابطال الاشاوس، لتشمروا عن سواعد الجد، وتبدأوا مشوار التحرر من هذا النظام القمعي الارهابي التصفوي الطائفي المقيت، فلعل الله يرضى عنكم ويفتح عليكم بفتح مبين، ويثبت خطاكم على طريقه القويم، بعيدا عن الظلم والانحراف والتشوش.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين