تعذيب السجناء واصدار القوانين الجائرة، مؤشرات ليأس النظام
لم يفاجأ ابناء البحرين وهم يقرأون الانباء التي تتحدث عن اللقاء بين وزير داخلية النظام الخليفي القمعي والسفير البريطاني في البحرين، حول منح عدد من المعارضين البحرانيين حق اللجوء السياسي في بريطانيا. فالنظام الخائر يخشى من القشة، ويخاف من الظل، وتستفزه كل حركة او سكنة من الجانب الشعبي، مهما كانت صغيرة. وهذا ما يحدث يوميا، عندما تبعث اجهزته الامنية بجحافل كيرة من المرتزقة والعملاء بجهازي قوات الشغب والامن مدجججة بالاسلحة الفتاكة وادوات الموت لمواجهة مجموعات صغيرة من الشباب المقاوم الذي لا يملك الا صوته وقبضات يديه ليعبر عن مواقفه ورفضه الاستبداد والديكتاتورية والتعذيب والنهب والسلب.
فما الذي يستطيع عدد محدود من المواطنين ان يفعلوه وهم خارج الحدود سوى التعبير عن مظالم الشعب واستنصار الآخرين لدعم نضاله؟ فهذه صحف النظام التافهة، تسطر الخرافات لاظهار خطر هؤلاء اللاجئين السياسيين، والعودة الى المنطق القديم الذي يربط كل شيء بايران ولبنان للتحريض ضد ابناء البحرين الاحرار الذين اضطروا للهجرة بسبب الظلم والقمع والاستبداد. فالنظام الجائر يحق له استخدام ما يشاء من اساليب الفتك والاستعباد، ولا يحق للآخرين ان يستنصروا بالعالم لانقاذ شعبهم من براثن الاحتلال الخليفي الجاثم على صدور اهل البحرين. انه المنطق الفرعوني الذي يتحكم في البلاد والعباد ويسخر كل ادوات القمع واساليب البطش لاجبار المستضعفين على الانصياع لارادته. لقد ولى ذلك العهد، وآلى أبناء اوال ألا يتركوا هذه الطغمة الفاسدة تعبث بارضهم وتصادر حرياتهم وتقضي على تراثهم وتحرف تاريخهم، وتغير ملامح ثقافتهم. ان هناك تكاملا بين الداخل والخارج، ولن يتمكن النظام الذي يتراكم فشله يوما بعد آخر، من اخماد صوت الاحرار، فما كيد فرعون الا في ضلال.
وفي الاسابيع الاخيرة اتضح مدى شعوره باليأس، فعمد الى مجالسه الصورية لسن قوانين جديدة أشد جورا مما سبقها. فهو يعتمد على “الحكم بالقانون” وليس “تحكيم القانون” ويسعى للتشبث بالقوانين الجائرة ويفرض على المواطنين الالتزام بها. فها هو مثلا يبالغ في التخويف من “المولوتوف” ويأمر عبيده بهذه المجالس ان يقروا قانونا ظالما يعتقد انه سوف يحميه من غضب الشعب المظلوم. انه مخطيء جدا، فالقانون لا شرعية له اذا جانب الحق، وظلم الناس. فالشرعية محصورة بالحق وليس بالقانون. فهل كان قانون امن الدولة قانونا منسجما مع ا لعدل؟ وهل حظي باحترام من احد؟ وهل استطاع ان يقضي على حركة الشعب وتوجهاته ونضاله؟ لقد استشهد العشرات وعذب الآلاف وفق ذلك القانون المشؤوم. ولم تجد العائلة الخليفية في النهاية خيارا الا الغاءه، وتسفيه من فرضه على الشعب بالقوة. فمن فرض ذلك القانون، وفي مقدمتهم الثنائي البغيض خليفة بن سلمان آل خليفة وايان هندرسون، اصبحوا منبوذين حتى من اقرب الناس اليهم. لقد اصبح ذلك القانون المقيت يطاردهم ويلعنهم ونغص ما بقي من سنوات حياتهم. وفرض النظام في عهده “الاصلاحي” قوانين أشد بطشا وجورا مثل قانون الارهاب وقانون التجمعات وقانون الصحافة وغيرها، معتقدا انه سوف يستعبد اهل البحرين بها. ان عليه، ان كان لديه شيء من الفطنة والعقل، ان يفهم ان عصر الجبابرة قد ولى، وان قافلة الاحرار لن تتوقف لحظة عن السير على خطى الآباء والاجداد، الذين سطروا تاريخا مضيئا بالنضال والعطاء. مخطئ هذا النظام ورموزه ان اعتقدوا ان بامكانهم تركيع اهل البحرين الذين تعمق وعيهم بحقوقهم واصبحوا اكثر ادراكا لمعاني الحرية والقانون وحقوق الانسان، واصبحوا يطاردون القتلة والسفاحين وان احتموا بالنظام وتسلحوا باموال الشعب المنهوبة، واستعانوا بالغرباء والاجانب. لقد استعان النظام الخليفي بالمرتزقة مثل عمر الحسن الذي سطر له مؤخرا “ملحمة الحقد” لتعميق الطائفية في مقابل اموال هائلة من حقوق الشعب المنهوبة، واللود جيلفورد الذي يستلم اموالا طائلة مسلوبة من بطون الجائعين واليتامى، في مقابل ان يقدم خدمات تافهة تضر النظام اكثر مما تنفعه. ان نظاما يعتمد على الاجانب لحمايته لهو آيل الى السقوط، فالمرتزقة لا يمكن ان تبني الدول او تقيم الانظمة.
نتحدث عن معاناة الابطال المرتهنين في القيود الخليفية الحاقدة. ان صرخاتهم تتردد في اسماع الزمن، واصداؤها توقظ العالم على حقيقة ما يجري وراء القضبان في ارض اوال المحتلة. ان صرخات الذين اغتصبوا وتعرضوا للتعذيب بمستويات لم تحدث حتى في سجون هندرسون اصبحت تهز الضمائر والنفوس وتحرك المزيد من الاحرار للتقدم في ساحات النضال ضد الظلم الخليفي. وان أنات الامهات والثاكلات تدوي في الحارات والازقة في كافة مناطق البحرين لتصنع مجدا جديدا لهذه الامة، ولتعلن للعالم ان اهل البحرين لا ينامون على ضيم. فهل تصنع الامجاد الا بالتضحيات؟ وهل تحقق الاماني الا بالمعاناة والمجاهدة والاصرار؟ فما حدث لابطال اوال مثل حسن عبد النبي وميثم الشيخ وعبد الله السرح وبقية الشباب سيبقى صفحة سوداء في تاريخ العهد الحالي الذي دشن نفسه بوعود زائفة وما لبث ان تجاوز في سواده وبطشه وارهابه ما فعله العهد السابق. نتطلع لليوم الذي يرحل فيه خليفة بن سلمان عن المسرح السياسي الى الابد، غير مأسوف عليه، وندعو الله سبحانه وتعالى ان يريح البلاد والعباد من الطغمة اللاحقة التي لم تراع في اهل البحرين إلا ولا ذمة، ولم تحترم امرأة او طفلا، ولم ترع حقا لسجين. فما حدث في السجن مؤخرا من تعرية المعتقلين وتعريضهم لاساليب تفوق ما حدث في ابوغريب، لهو جرم يندى له الجبين، وتقشعر منه ابدان ذوي الضمائر. فأين الاصوات المنددة بهذه الجرائم؟ واين رموز البلاد من الاعتداءات الجنسية التي لم تتوقف بحق سجناء الضمير؟ ان الاستمرار في اعتقالهم بالتأجيل المتكرر لمحاكماتهم الصورية شاهد آخر على المحاولات اليائسة من رموز الحكم للتخلص من آثار التعذيب التي شاهدها أهالي المعتقلين على اجسادهم خلال زياراتهم. قد يتمكن الجلادون من اخفاء الجريمة بعض الوقت، ولكن عين الله لا تنام، وارادته لا تغيب عن القوم الظالمين، فصبرا صبرا ايها الاحرار، ومهلا مهلا لان النصر آت، وان العاقبة للمتقين، ولا عدوان الا على الظالمين، وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين