التعذيب والقمع لن يكسرا إرادة شعب البحرين وإصراره على الاحتفاظ باصالته
منذ فتحت عيناها بعد غيبوبة أربعة أيام، أول ما تذكرته فاطمة، ذات السنين التسع، هو الغاز الكيماوي الذي استعملته القوات الأجنبية التي جلبتها العائلة الخليفية ومنحتها الجنسية والتسهيلات على حساب المواطن، واستعملتهم لقمع المواطنين العزل، كما حدث في مسيرة سترة الأخيرة المطالبة بالإفراج عن النشطاء ومعتقلي أحتجاجات عيد الشهداء في ديسمبر الماضي. في يوم الجمعة الماضية، استعمل جهاز أمن العائلة الخليفية المكون من الأجانب العقاب الجماعي الذي لم يسلم منه الأطفال- أمثال فاطمة التي كانت خارجة مع خالتها لشراء العشاء فكان نصيبها أن تتنفس الغاز الكيماوي ويغمي عليها في الحال وتسقط على رأسه.
ولم يسلم منه الشباب الذين تواجدوا في الشارع العام، فقد أعتقل الشابان حسين علي عاشور (17 سنة) وحسين عبدعلي النكال (17سنة)، وقبلها باسبوع اعتقل الشاب محمد علي مرهون (18سنة) وهو طالب في الثانوية ويعاني بشكل حاد من تكسر الدم المنجلي- السكلر. ولم يسلم من الغازات الكيماوية والقمع كبار السن أيضاً الذين كانوا متواجدين في مقبرة سترة لمواراة جثمان الأستاذ حسن المتوج، وهو نائب برلماني سابق يمثل سترة- وتقديم العزاء لعائلته. وحسن المتوج، رحمه الله، هو صاحب القصيدة التي جاء فيها:أين النخيل وأين نخل يجتنى قد قطعت واستبدلت ببناءولو انه للشعب لانتفعوا به لكنه يا قوم للغرباء وقبلها بأيام وتحديداً يوم الأربعاء 27 فبراير الماضي، ذكرت السيدة كبرى السيد عدنان- وهي أمرأة متزوجة تقطن في الطابق الثاني من منزل بمنطقة مروزان بالقرب من قرية السنابس- كيف أن قنبلة صوتية مصاحبة للرصاص المطاطي المزدوج، أطلقتها قوات الأمن الأجنبية لتفريق مسيرة سلمية قد اخترقت النافذة الزجاجية لغرفة نومها متسببة في إصابات في وجهها وبعض أجزاء من جسمها، وأدت لاشتعال النار في الستارة وكذلك في غطاء السرير، مما اضطر زوجها الى أخذها لقسم الطوارئ بمستشفي السلمانية. وفي ذلك اليوم نفسه، أصيب علي الشمطوط- وهو حارس مدرسة السنابس الإبتدائية للبنات في رجله برصاص مطاطي مرتد بعد أن أطلقته القوات المرتزقة بغزارة على منطقة السنابس بعد أن حل الظلام ولم يكن أحد متواجدا في المدرسة غيره، مختبئاً في مكان يحميه من الغاز الكيماوي الذي تستعمله تلك القوات. ولم يسلم رياض درويش في ذلك اليوم أيضا، من قمع وتعنت القوات الخليفية الأجنبية، فقد تدحرجت بالقرب منه قنبلة صوتية مصاحبة لرصاص مطاطي مزدوج، كانت تطلق بشكل عشوائي وفي كل مكان. كان يعتقد أنه بأنها قنينة غاز كيماوي، وهم أن يرميها بعيداً لحماية زوجته التي كانت بجواره، فلم يسعه ذلك حيث انفجرت بشكل مباغت وهي في يده، مما تسبب في إحداث تمزقات وتطلب علاجه الإسراع بعملية جراحية لإنقاذ يده. ولم يكف ذلك، فقد منع جهاز القمع الخليفي أهله من زيارته والإطمئنان عليه، ووضعوه تحت الرقابة في المستشفى، وهناك خوف من أن توجه له تهم بدلا من الإعتراف بوحشية الجهاز الأمني ومحاكمة المتسببين فيما حدث لرياض وغيره من المواطنين. هكذا تتعامل العائلة الخليفية الغازية مع أبناء الشعب: من أطفال ونساء وكبار في السن وشباب، بوحشية وقمع تعبر عن عدم انتماء هذه العائلة للبحرين، والإصرار على فرض لغة الغزو والغاب مع أبنائها. وهكذا لم نستغرب من بعض النزر من قصص التعذيب التي رواها المعتقلون النشطاء أمام القاضي الخليفي في الجلسة الأولى لمحاكمتهم بسبب أنشطتهم بتاريخ 24 فبراير الماضي. لو أتيحت لهم الفرصة، لملأوا الكتب بأشكال التعذيب الجسدي والنفسي التي تعرضوا لها خلال اعتقالهم بمركز التعذيب في التحقيقات الجنائية بالعدلية والتي تجاوزت الشهرين، قبل أن ينقلوا الى سجن الحوض الجاف. وقد أكد تعرضهم للتعذيب الشديد رفض النيابة العامة طلب جمعية البحرين لحقوق الإنسان اصطحاب أطباء معهم لزيارة المعتقلين، وأيضا إصرار المحكمة على رفض تكوين لجنة طبية محايدة، برغم الموافقة المبدئية لطلب المحامين في الجلسة المذكورة، بعد أن تحدث النشطاء المعتقلون عن تعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي والتحرش والأعتداء الجنسي. تجدر الإشارة، الى انه تم اخذ عينة دم من المعتقلين بعد جلسة المحاكمة الأولى، ولكن لحد الآن، بحسب ما ذكره المعتقلون لأهاليهم، لم يتم فحصهم من قبل أية لجنة طبية كما وعد القاضي الخليفي. لهذا، لم يكن غريباً ما جاء في التقرير الحقوقي لمنظمات المجتمع المدني الذي أعدته مفوضية حقوق الأنسان في جنيف استناداً على تقارير منظمات دولية معروفة منها هيومان رايتس وواتش، العفو الدولية، انترفيث الدولية، صحافيون بلا حدود، الفيدرالية الدولية، فرونت لاين، والهيئة الاسلامية لحقوق الانسان. وقد قامت المفوضية بتلخيص تقارير تلك المنظمات، إضافة لتقارير المنظمات الوطنية ومنها حركة الحريات والديمقراطية “حق” واللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب، إضافة لمركز البحرين لحقوق الإنسان والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان اللتان اصدرتا تقريرا مشتركا باسم الفيدرالية الدولية. ولقد كان التقرير الملخص في عشر صفحات، مليئا بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان البحريني على مستوى التمييز ضد المواطنين، وحرمانهم من حقهم الطبيعي في التعليم وممارسة شعائرهم وتسنمهم المناصب الإدارية حسب أدائهم وليس حسب ولائهم، وكذلك حقهم في المشاركة السياسية والإنتفاع بثروات البلاد، وممارسة جميع أنواع حرية التعبير والإجتماع والتجمع. وقد ذكر التقرير خلو البحرين من القضاء المستقل مؤكدا عدم قدرة المجالس الموجودة على التشريع، وعدم قدرة البحراني على ممارسة حقه السياسي، إضافة لتعرض شعب البحرين لمشروع تغيير التركيبة السكانية كما جاء في تقرير البندر. وقد بدأت الأصوات تعلو لمواجهة مشروع التخريب السكاني الذي يقوده الشيخ حمد لإبادة شعب البحرين الأصلي (شيعة وسنة) من خلال جلب الآلاف، من المرتزقة والهاربين من الأجهزة الأمنية التابعة للدكتاتور العراقي السابق صدام حسين، ومنحهم الجنسية البحرينية وتقديمهم على المواطنين في الخدمات السكانية والوظائف، بل واستعمالهم في مواجهة أبناء الشعب الذين يعبرون عن احتجاجاتهم بشكل سلمي. ولهذا، فلابد من إحياء المقاومة المدنية والشعبية لمشروع الشيخ حمد التخريبي، وعدم الإنشغال بقضايا أقل خطرا. لم يكن البعد الإقتصادي والتضييق على المواطنين ومن ثم محاولة التصدق عليهم بالفتات، إلا محاولات إشغال بقضايا أقل خطرا على كيان وهوية شعب البحرين من مشروع تغيير التركيبة السكانية التخريبي. إننا تدعو القيادات الشعبية والمؤسسات المجتمعية وجميع أفراد الشعب للتصدي لمشروع الشيخ حمد التخريبي بكل ما لديهم من قوة، وذلك بتفعيل برنامج رفض شعبي لأي نوع من أنواع التطبيع مع المستوطنين على جميع المستويات الاقتصادية والمعاملات التجارية، والإجتماعية عبر مقاطعة شاملة وعدم الدخول معهم في أي نوع من توطيد للعلاقات المجتمعية خصوصاً في المناطق المختلطة والملاصقة لمستوطناتهم، والثقافية عبر إحياء التراث والتاريخ والعادات البحرانية ورفض أية ممارسات مجتمعية خارج تلك الثقافة والتراث الأصيل.إن الحفاظ على هوية شعب البحرين الأًصيل وتاريخه أمانة في أعناق القيادات الشعبية والمؤسسات المتصدية، ولا يمكن التهاون مع من يتخلى عن هذه الأمانة بأية صورة كانت. اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يارب العالمين..
حركة أحرار البحرين الإسلامية
7 مارس 2008م