الذين اذا اصابتهم مصيبة، قالوا انا لله وانا اليه راجعون تحية للذين زلزلوا الارض تحت اقدام المحتلين، وتحية للصامدات المظلومات
أية مصيبة أكبر من الاعتداء على نسائنا وبناتنا؟ وأية فاجعة أعظم من التصدي لهن بالضرب والقمع والسحب والاهانة؟ فما فعلته وحوش آل خليفة هذا اليوم أعاد الى الاذهان ما فعله يزيد بحق زينب بنت علي عليها السلام ومن معها من الهاشميات. فما أشبه الليلة بالبارحة, وما أشبه هذا النظام التوارثي الاستبدادي بالنظام الاموي المقيت. لقد سقط ذلك النظام تحت الضربات المتوالية للعلويين، ابتداء باستشهاد الامام الحسين عليه السلام، ولن يشد النظام الخليفي عن قاعدة سقوط الاستبداد والظلم والاجرام.
لقد ارتكبوا بحق اهل البحرين من المجازر ما لم يفعل مثله اي نظام خليجي آخر، ولذلك فهو محكوم بالمصير نفسه الذي انتهى اليه الامويون والعباسيون وسواهم. فمن قال ان الظلم يبقى؟ ومن يشكك في المقولة الشهيرة: الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم؟ ومن قال ان الديكتاتوريين يبقون الى الابد؟ ثم من قال ان الحكم الخليفي قدر أزلي لشعب البحرين؟ ان ذلك لن يكون الا ان تتوقف السنن والقوانين الالهية عن العمل، وتصبح غير نافذة، وهيهات ذلك.
ان من أولى مسببات زوال النظام سقوطه أخلاقيا. وهل بقي للحكم الخليفي من الاخلاق شيء؟ بالامس مزقت كلابهم جسد شهيدنا الغالي، علي جاسم مكي، وهو في ريعان العمر، مخلفا وراءه زوجة وجنينا في الارحام. واليوم سلطوا كلابهم على نسائنا وفتياتينا بلا رحمة او انسانية، وجررنهن كالاضاحي بشكل أسوأ مما يفعله الصهاينة، فما أشرسهم وأبعدهم عن قيمنا وأخلاقنا وتراث أرضنا! فهل يمكن ان نتعايش معا بعد هذه الجريمة الشنيعة؟ بالامس صرح رئيس وزرائهم، المجرم المخضرم الذي لا يزداد مع تقدم السن الا اجراما وحقدا وطائفية ووحشية وجشعا ونهبا، وتوعد وتهدد، تماما كما فعل الطغاة الذين سبقوه، جاهلا بحقائق التاريخ التي تؤكد زوال الطغاة وان عمروا، وانتهاء عهودهم وان امتدت. هذا المجرم لم يجد في سياسات حكومته منذ اكثر من 36 عاما، ما يستدعي التحقيق والاصلاح، بل ان شعب البحرين هو الشر المطلق، وان كلابه ووحوشه ومرتزقته، ابتداء من ايان هندرسون، مرورا بالبلوش والاردنيين والباكستانيين، ووصولا الى فدائيي صدام، هم المصلحون ومحبو الخير للبلاد والساهرون على مصلحة الشعب. فهل هناك شخص على وجه الارض أتفه ومنه وأحمق وأقل انسانية؟ لقد سقط هو ونظامه اخلاقيا عندما مارس السرقة والنهب والاختلاس جهارا نهارا، فوضع يديه على الاراضي البرية والبحرية، واموال النفط، وانتزع المشاريع الحكومية للشركات التي يملكها، وضايق الناس في ارزاقهم، وفرض على التجار مناصفته في المشاريع حتى اصبح يعرف بين الناس بـ “فيفتي – فيفتي“، فأين الاخلاق منه ومن نظامه وحكمه؟
أين الاخلاق لدى نجل اخيه، الذي يحكم اليوم بالنار والحديد والخداع والقمع والاعتداء على الحرمات؟ وأين الاخلاق من هذه السياسة التي تهدف لاستبدال هوية البحرين وشبعها بآخرين جيء بهم من اقاصي الارض؟ وأين الأخلاق من تسليط وزير ديوانه، الطائفي المقيت، خالد بن أحمد، على اهل البحرين؟ وأين الاخلاق من تنصيب احمدعطية الله آل خليفة على رأس التنظيم الاجرامي الذي يهدف لتمزيق ابناء البحرين على اسس طائفية، ويهندس الممارسات المدنية بالشكل الذي يتيح للنظام الخليفي الاستيطاني همينة وسيطرة بدون حدود؟ أين الاخلاق من العودة الى ممارسة التعذيب على اوسع نطاق؟ وأين ولي العهد المعرفو بـ “شيخ بحر” بعد ان وضع يديه، كما فعل اسلافه، على اراضي البحر، مما يجري في غرف التعذيب الخليفية لابناء هذا الوطن؟ ما الذي فعله الشباب مثل محمد خليل المدوب ومحمد السنكيس وعيسى عبد الله السرح وحسين شاكر؟ ما الذي اقترفته ايدي هؤلاء ليستحقوا تمزيق اجسادهم بمباضع الجلادين واسلحة الجلاوزة؟ وما الذي ارتكبه عبد الهادي الخواجة ليحاصر ويضرب ويستهدف بشكل خاص؟ أهذه هي الانسانية التي يدعيها النظام واعوانه وابواقه؟ ولماذا الصمت المطبق من الذين ارتبطوا بمشروع النظام واوهموا الناس بان عهد حمد يختلف عن عهد خليفة؟ فما الفرق بينهما حقا؟
واخيرا جاء العدوان السافر على نساء البحرين وفتياتها بوقاحة لم تشهدها البلاد من قبل. فاذا بـ “فدائيي صدام” و “فرق الموت” تتصدر العدوان عليهن وهن يطالبن بلقاء احبتهن المرتهنين كالاسارى لدى عصابات يزيد وجلاوزته وجلاديه. لقد بلغت استغاثاتهن وهن يضربن ويسحبن على الارض، وبعضهن حوامل، عنان السماء، فما استجاب لتلك الاستغاثات الا الذين فتح الله قلوبهم على الانسانية والايمان، فهرعوا أسرع من البرق للمساهمة في انقاذهن، ومشاركتهن المصاب والقمع. في زمن بيع الضمائر، وتأميم الاخلاق والقيم، قليلون هم الرجال الذين يستعلون على محاولات تحييدهم او احتوائهم او تطبيعهم على التعايش مع الظالمين، او الصمت على جرائمهم، أو توجيه اللوم للمظلومين عندما يرفعون اصواتهم بالشكوى من الظلامة والتعبير عن الألم. في عالم تتلاشى فيه الاخلاق، ويزين الشيطان للانسان حب الشهوات، يأبى عظماء الرجال الا ان يصمدوا على طريق الاباء والكرامة، طريق علي والحسين وأبي ذر، طريق الشهداء الذي اختطه الهانيان، وسار عليه علي جاسم مكي، درب الكرامة الذي رسمته في تاريخ الجهاد والنضال، زينب بنت علي وسارت عليه نساء الاسلام الخالدات، وآخرهن نساء البحرين وفتياتها اللاتي تحدين اليزيديين بصلابة وأنفة وشمم. نعيش اليوم تجديدا لتاريخ الأباة والعظماء الذين صنعوا المجد لهذه الامة بدمائهم، ووضعوا البحرين، برغم صغرها، امام اعين الناظرين، وكشفوا للآخرين، حقيقة النظام الخليفي الارهابي، فطوبى لهم من مجاهدين صابرين محتسبين، والعار للطغمة الخليفية المحتلة. المجد لنساء البحرين الشريفات المناضلات، والخزي للظلمة واعوانهم وجنودهم وجلاوزتهم وجلاديهم. وطوبى للشباب الذين هزوا بقبضات سواعدهم الحديدية نظام الاحتلال ا لخليفي من أسسه، وأسسوا للبلاد وشعبها مستقبلا باهرا بعون الله تعالى.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، وفك قيد أسرانا، وتقبل قرابيننا يا رب العالمين