كن حسينيا، ولا تخش بطش اليزيديين، فانهم الى زوال
ان كنت تحب الحسين فلتسر على دربه، وليكن شخصه حاضرا امام ناظريك طوال حياتك
اذا عشقت أبا عبد الله فلتعشق مبادئه وقيمه، ولتعرفه عن قرب بعقلك وقلبك وروحك.
وان كنت مواليا لسيد الشهداء، فان ولاءك يتطلب منك ان تتمثله عنوانا لمسيرتك.
واذا كنت ممن يلهج بقول “يا ليتنا كنا معكم“، فانك قادر ان تكون معهم باقتفاء اثرهم خطوة بخطوة ونعلا بنعل.
نعيش موسم عاشوراء حبا وعشقا وولاء للحسين، وكل ذلك من أجل الله وفي سبيله، نحيي ذكراه، ونتمثل ما نهض من اجله، فاذا بنا مشدودين الى ترابه الطاهر، نلثم فيه معاني الشهادة والاباء، ونرى الدم المسفوح يتكلم بالظلامة، يلعن الظالمين، ويتبرأ منهم، ويرفض مصافحتهم، ويدعو عليهم، متمنيا زوالهم بلا رجعة.
كيف تحب الحسين ان لم تتمثل نهجه وتلتزم رسالته وتهتدي بهديه، وتتمعن في أقواله؟
أي ولاء هذا الذي يقتصر على تحويل ذكرى عاشوراء الى طقوس بلا عنوان او رسالة؟
كن حاضرا مع الحسين، ولتعش معه شهيدا على الصراع بين الحق والباطل، ولا تكن من الذين تخلوا عنه لاعذار يكررها الكثيرون كل يوم لتبرير التقاعس عن اداء الواجب والنهوض بالمهمة. نتحدث عن الحسين واستشهاده مع 72 من اهله واصحابه، فأين أمة المسلمين؟ لماذا تخلى العباد والزهاد والمناطقة والاصحاب عن اللحاق بركب الشهادة؟
فكما يقول احد المفكرين الذين عشقوا الحسين: “الذين غابوا عن الحضور والمشاركة يوم حضر الحسين “للشهادة” وتركوه وحيداً، كانوا كلهم بفرقهم الثلاث سواء:
ـ الذين صاروا آلة في يد يزيد وأُجراء عنده.
ـ والذين تشبثوا بحب الجنة فاعتزلوا في الصوامع وزوايا العبادة متخلين عن المسؤولية.
ـ وأخيراً الذين أصاب قلوبهم الهلع من المعركة فاندحروا خائفين مرتعدين في بيوتهم.
هؤلاء كلهم سواء، لأن من غاب عن الحسين في عصره ثم غاب عن كل العصور والساحات التي يحضرها الحسين، فله أن يكون حيثما يشاء، له أن يكون قائماً لصلاة أو جالساً لشراب، وله أن يكون إما كافراً مجرماً أو عابداً مؤمناً، فالنتيجة سواء!!
كل منا مرشح لان يكون واحدا من الذين خذلوا الحسين يوم الطف، او الذين يتخاذلون عنه الآن. فان فعلنا ذلك اصبحنا مستحقين لغضب الله، لاننا سنكون حينها من الذين يقولون ما لا يفعلون، وهو سمة اعتبرها الله مقتا كبيرا “يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون“.
فاذا حضرت مجلس التعزية ولم تسمع من الخطيب ما يؤكد رسالة الحسين التي تحث على مواجهة الطغاة والظالمين، فلا تضيع وقتك في ما لا طائل فيه، وابذل جهدك للتعرف على حقيقة ثورة الحسين.
واذا شاركت مع المعزين، الذين يلطمون وجوههم وصدورهم بدون ان يستهدفوا الحكم اليزيدي، فستكون قد فعلت ما يريده يزيد واعوانه. انه لا يريد اكثر من ان تنسى رسالة الحسين، وتتجاهل مقولاته ومبادئه، وتتخلى عن موقف الرفض المطلق لكل ما ينسجم مع المشروع الاموي الذي مسخ الاسلام وحول نظامه الى ملك عضوض يتوارثه اليزيديون أبا عن جد، حتى لكأن الله جعلهم مستخلفين على حكم الارض واستعباد الناس. لا تكن رقما آخر يضاف الى الارقام التي ترفع راية الحسين بدون ان تؤمن بها او تكون مستعدة للاستئهاد في ظلها.
لا تكن حياديا في الصراع الذي يدور بين اهل الحق وزبانية الباطل. بل كن مع المظلوم اينما كان، وضد اليزيديين وان تظاهروا بغير حقيقتهم، فالحياد تقوية للظلم، وتنصل من المسؤولية، وابتعاد عن روح الشهادة.
أيها المواطن البحراني: انت امام موقفين لا ثالث لهما: فاما مع يزيد او الحسين، واياك والقول: ما لنا والدخول بين السلاطين، لان الحسين لم يخرج من اجل السلطنة والحكم، بل من اجل اصلاح امة جده رسول الله والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وا لتصدي للحكم الاموي التوارثي المستبد. ان كنت مع الحسين فلتكن شاهدا وشهيدا، لان الحسينيين ليسوا “حياديين” عندما يلتقي الصفان، الصف العلوي الذي يسير على خطى محمد وأهل بيته، والصف الاموي الذي يستهدف كل ما هو محمدي وعلوي. لا تقل “الوقوف على الجبل أسلم” لانه موقف يدعم الظلم ويقلل السواد في عيون أعداء الله والانسانية. لن تكتمل حسينيتك الا باتخاذ الموقف الذي اتخذه اصحاب الحسين، ليلة العاشر من المحرم، عندما قال لهم امامهم: “هذا الليل قد أرخى بسدوله، فاتخذوه جملا” الحسينيون لا يولون الدبر، فكانوا كما توقع أبو الأحرار، صامدين في موقفهم معه، مصممين على الشهادة، مضحين بدمائهم من اجل نصرة دين محمد، والتصدي للحكام الطغاة والذود عن المظلومين والمستضعفين.
كن حسينيا بإيمانك، وموقفك وحضورك ميادين النزال مع اليزيديين المتجبرين، واياك ان تخدع بمظاهر التضليل والخداع، فليس كل من قدم الطعام والشراب للمآتم حسينيا، خصوصا عندما يكون ثمن ذلك منهوبا من اموال المحرومين والمستضعفين. واياك ان تقبل بتحويل الشعائر الحسينية الى طقوس بعيدة عن روح رسالة الحسين، فتعظيم تلك الشعائر “من تقوى القلوب” والتقوى لا يتحقق الا عندما يمتلك المؤمن قوة الموقف ويتصدى ليزيد والمقتدين بآثاره، بروح حسينية أبية، وصوت حسين هادر ليصك مسامع الطغاة بشعار “هيهات منا الذلة”. ان حسينيتك تتطلب منك ان تعمل لتحويل الموكب الحسيني الى ثورة ضد الظلم، خصوصا عندما يسير الحاكم على خطى يزيد ومعاوية، ويسعى بسياساته للقضاء المبرم على آثار الخط العلوي بسياسات خبيثة يرفض ان يتراجع عنها خطوة واحدة.
انك حسيني بالفطرة والعقل والايمان، فلتكن لديك بصيرة تدفعك لاتخاذ الموقف الحسيني الذي يحقق لك سعادة في الدنيا ونعيما في الآخرة، وخلودا مع الشهداء والصديقين. ان الحسينيين هم الذين يحتضون الشهادة احتضانا، ويمارسونها سلوكا، ويستصغرون يزيد وسلطانه ويخاطبونه باستهزاء وازدراء واستسخاف: “فهل رأيك الا فند وأيامك الا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين”. أنت حسيني، فأنت أقوى من يزيد، مهما تفرعن، وأنت الخالد بمبدئك، وهم الهالكون، ها أنت تتذكر الحسين وتعيشه قضية وعنوانا ومشروعا، فأين ذهب اليزيديون؟ ان الحسينيين خالدون على مر العصور، واليزيديين مندحرون، لقد أثبت دم الحسين انه أقوى من سيف يزيد، فلتؤمن بالحقيقة الحسينية ايمانا عمليا، فتنأى بنفسك وموقفك وقلبك عن كل ما هو يزيدي، ولتكن حاضرا في ميدان الشهادة ضد النظام الاموي التوارثي الاستبدادي، فلن تجد الا النصر والخلود، فسر ثابت الخطى، مطمئن الخطى، مرددا الآيات الكريمة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون”. ولتستحضر قول الله الذي يمهل الظالمين ولا يهملهم: “انا من المجرمين منتقمون“.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
25 ديسمبر 2009
التاسع من محرم 1431