جرائم الخليفيين تستدعي رفض مشاريعهم وانهاء عهدهم الأسود
في الأسابيع الاخيرة عاش البعض وهم إمكان التعايش مع نظام الاستبداد الخليفي، نتيجة النشاط المحموم لأبواقه ومرجفيه وضعاف النفوس من المتزلفين والمتسلقين والوصوليين. ولكن هذا الوهم زال فجأة بعد محاولتهم الاخيرة الفاشلة باعادة عقارب الساعة الى الوراء وتكرار الاساليب القديمة الممجموجة بمحاولة التطبيع بين الضحايا والجلادين. اعتقد الخليفيون ان بامكانهم تمرير مشروعهم الخبيث الذي اطلقوا عليه “العقوبات البديلة” لكسر شوكة الشعب باجبار المستفيدين منه على توقيع التنازل عن حقوقهم الانسانية. أرادوا من معتقلي الرأي ان يوافقوا على خروج اجسادهم من طوامير التعذيب واعتقال أرواحهم بحرمانها من حقوقها التي قررها الله لهم. فما قصة ما يجري هذه الايام، وما الدور المطلوب من المواطنين الأحرار الذين يتطلعون لتغيير سياسي حقيقي؟
عشرة اعوام مرت على اعتقال الآلاف من البحرانيين من قبل الخليفيين. هذه الفترة طويلة جدا بأية مقياس او اعتبار. فأية شرعة انسانية او دينية تسمح بسجن البشر بسبب تعبيره عن رأيه؟ أي قانون قديم او حديث يعطي الطغاة الحق لسحق انسانية الانسان وسلب حقوقه. فاذا حرم من حق التعبير عن الرأي فماذا بقي لديه من المقومات الانسانية؟ في هذه الحقبة حدثت امور عديدة منها ما يلي:
اولا: ان السجون اكتظت بالبحرانيين، حتى استخدمت سجون مفتوحة في القرين ومراكز الشرطة لقوافل البحرانيين الذين وقعوا في الأسر الخليفي. ومع مرور الوقت اصبح هذا الامر لا يمكن الاستمرار فيه، فهو يستننزف خزينة الدولة ويغضب الجهات الدولية المعنية كالصليب الاحمر ومجلس حقوق الانسان والمنظمات الحقوقية الدولية التي منعت جميعا من زيارة السجون او الاطلاع على ما يجري وراء أسوارها. كما أحرج داعمي الخليفيين في واشنطن ولندن الذين وفروا للخليفيين غطاء سياسيا ودعما امنيا متواصلا. كما ساهموا في سعيه لتبييض سجله الحقوقي بوسائل مثيرة للجدل من بينها تشكيل واجهات حقوقية هدفها الدفاع عن الجرائم الخليفية وتضليل الرأي العام خارج الحدود، وإلهاء البعض باجراءاتها الطويلة التي لا تؤدي الى نتيجة. وقد تأكد الآن ضلوع هذه المنظمات المعروفة بـ “جوانجو” في اخفاء جرائم الخليفيين وتبرير التعذيب وقطع الطريق على الضحايا من التظلم خارج الحدود.
ثانيا: ان النشطاء الحقوقيين البحرانيين استطاعوا تكثيف الضغط على الخليفيين بكشف جرائمهم وتوثيقها، وكسب ثقة الجهات الحقوقية الدولية من خلال تواجدهم المكثف في جنيف وبروكسل ولندن وواشنطن. هذا النشاط خلق رأيا عاما ضد استمرار اعتقال ا لسجناء السياسيين. فصدرت تقارير عن جهات دولية عديدة تطالب بذلك، وكان آخرها قرار البرلمان الاوروبي الذي أصاب الخليفيين في مقتل. فقد اظهرهم اعداء للحرية وحقوق الانسان، ومارقين في سياساتهم الداخلية، وكاد يتهمهم بممارسة الإبادة ضد السكان الاصليين. نجم عن ذلك ضغوط اضافية للافراج عن آلاف المعتقلين ظلما وزورا.
ثالثا: ان داعمي الخليفيين في واشنطن ولندن شعروا بالتورط من عدة زوايا. فهناك داعمون آخرون في ابوظبي والرياض وهم ايضا متورطون في جرائم كبيرة كان آخرها قتل الاعلامي جمال خاشقجي. هؤلاء الداعموان يتعرضون للضغط المتواصل من قبل البرلمانيين والحقوقيين والاعلاميين لوقف دعمهم لنظام مارق يسجن معارضيه اكثر من عشرة اعوام بسبب أرائهم ومواقفهم السياسية. وبدلا من ارغام الطاغية على الافراج غير المشروع عن السجناء أشاروا عليه بالعقوبات البديلة التي اصبحت جريمة أخرى لا تقل خطرا عن السجن نفسه.
في ظل هذه الحقائق لم يجد الطاغية وجلاوزته من خيار سوى الانصياع للأوامر بالافراج عن السجناء. ولكنهم سعوا لتحقيق مكاسب من وراء ذلك، ففرضوا العقوبات البديلة التي اصبحت مصدرا آخر للغضب الشعبي خصوصا لدى العائلات الأبية التي ترفض ان يتم ارتهان أبنائها بتوقيع تعهدات بالتخلي عن حقوقهم الانسانية. وقد وقف الاحرار ضد هذه العقوبات منذ البداية واعتبروها أسلوبا قمعيا آخر لمنع التغيير السياسي وكسر شوكة الشعب وحراكه. لكن إصرار العائلات على الاحتجاج اليوم للمطالبة بالافراج الفوري وغير المشروط اصبح مدخلا لحراك سياسي مستقبلي يعيد الحيوية للثورة ومحاصرة ا لخليفيين.
في الايام الاخيرة جاءت قضية الافراج عن السيدة زكية ا لبربوري ليعيد السجال حول المشروع الخليفي الاجرامي، وليضع النشطاء السياسيين والحقوقيين امام مسؤولياتهم. واصبح الوضع أخطر عندما تأكد ان الخليفيين مارسوا على السيدة المذكورة ضغوطا وتهديدات وابتزازا لمنعها من سلوك الدرب الذي سلكته سجينات أخريات مثل ابتسام الصايغ ونجاح يوسف. فقد ساهمت شجاعتهما للحديث عن الجرائم التي ارتكبت بحقهما في السجن في توفير حماية لهما، فاصبحتا قادرتين على فضح الخليفيين بشكل غير مسبوق. اراد الخليفيون منع زكية من التحدث عما ارتكبه الخليفيون من جرائم بحقها. فبادروا بعد ساعات من اطلاق سراحها لاجبارها على تسجيل مقطع تشكر فيه جلاديها. ادى ذلك لحالة غضب شعبي شامل ضد الطاغية وعصابته، اذ رأوا في ما فعله تجاوزا لحدود الاخلاق والشيم واعتداء على انسانية السجينة التي تكبدت الكثير خلال السنوات الثلاث التي قضتها في طوامير التعذيب. فما النتيجة من ذلك؟
اولا: اصبح هناك رفض يزداد اتساعا لمشروع الاحكام البديلة الذي اصبح ممقوتا ومرفوضا على نطاق واسع. فما تطالب به العائلات اطلاق فوري وغير مشروط لابنائها ولن تخضع للابتزاز او المساومة من قبل عناصر التعذيب ومرتكبي الجرائم ضد الانسانية. كما ادرك المواطنون ان هناك امرا للخليفيين باطلاق السجناء السياسيين، وان الافضل عدم اعطائهم اية مكافأة في مقابل ذلك. سيطلق سراح من يوقع صك الارتهان ضمن العقوبات البديلة، ومن يرفض ذلك. اما ابقاء السجناء وراء القضبان فهو غير وارد لان ذلك يسبب مشكلة سياسية لداعمي الخليفيين الذين تحاصرهم الضغوط للتوقف عن دعم نظام حكم مارق.
ثانيا: تعمق الشعور بضرورة تخليص البلاد من هذا الوباء الخليفي القاتل الذي يزداد خبثا وتوحشا. ويرى البحرانيون ان ما ارتكبه الطاغية وعصابته بحق السيدة زكية البربوري نقطة تحول لجهة القطيعة الشاملة معهم. فلا جدوى من العيش مع مرض عضال يزداد نخرا في الجسد الذي اتعبته سنوات الاحتلال والقمع والاستبداد والتعذيب وكافة الجرائم.
ثالثا: ان ما حدث كان ضربة موجهة لمن توسط لدى الطاغية للافراج عن السيدة زكية. فقد ارتكب ا لطاغية جريمته التي اغضبت الجماهير واشعرتها بالتقزز والغضب والحقد، فما جدوى اية وساطة اذا كانت ستؤدي لهذه الاهانة والعدوان؟
رابعا: انه في الوقت الذي يطالب الشعب فيه باخلاء سبيل السجناء السياسيين فورا وبدون قيد او شرط فان القناعة تزداد رسوخا بضرورة مواصلة الحراك الثوري الهادف لاسقاط الحكم الخليفي الباغي المعادي للانسانية والقيم والمواثيق الدولية. فما جدوى اطلاق سراح السجناء اليوم اذا كانوا سيعتقلون غدا.
هذه الحقائق تفرض موقفا موحدا يقوم على اساس: المطالبة باطلاق سراح السجناء السياسيين بدون قيد او شرط، رفض مشروع الاحكام البديلة جملة وتفصيلا، المطالبة بمحاكمة الجلادين والمعذبين، مواصلة النضال من اجل التغيير الذي سعى من اجله الأجداد والآباء منذ مائة عام. فما دام هذا الهدف لم يتحقق فان التوقف عن النضال مكافأة لأعداء الوطن والشعب خصوصا الطغاة الخليفيين الذين اثبتت التجارب مرارا انهم لا يستحقون ان يحكموا شعبا واعياب كشعب البحرين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
30 ابريل 2021