المواطنون يدفعون ثمن الفشل الخليفي في مكافحة الوباء
أصاب انتشار الوباء في البحرين مؤخرا بمعدلات غير مسبوقة المواطنين بصدمة كبيرة بعد شهور من محاولات الخليفيين اقناع العالم بانهم أحسنوا إدارة ملف الجائحة. ففي الأسابيع الاخيرة تضاعفت أعداد الاصابات حتى تجاوزت 3000 يوميا، ويقال انها أعلى نسبة في أي بلد مقارنة بعدد السكان. وبرغم تبجح العصابة الحاكمة بانها “نجحت” في احتواء الوباء الا ان ما يحدث هذه الأيام يؤكد بوضوح فشلها الذريع في إدارة ملف كوفيد-19 برغم ادعائها بانها تمكنت من منح اللقاء لأكثر من نصف السكان. فاذا كان الأمر كذلك فما تفسير هذه الطفرة المرعبة في أعداد الإصابات والوفيات؟
هناك ثلاثة أطراف ذات علاقة بمدى انتشار الوباء او احتوائه:
الاول هو المواطنون ومدى التزامهم بالإجراءت الصحية التي تحد من انتشار الوباء ومنها تحاشي التجمعات الكبيرة والالتزام بالحجر والتباعد الاجتماعي بالاضافة لارتداء الأقنعة. ويمكن القول ان المواطنين التزموا بدرجة كبيرة بهذه الاجراءات، فتقلصت الزيارات العائلية وكان هناك التزام جيد بالتباعد الاجتماعي حتى في الفضاء العام. فما ان تخرج مسيرة او تظاهرة او موكب عزاء حتى يظهر الالتزام بالضوابط بشكل واضح. ويسجل للمواطنين صبرهم على الوضع والتزامهم الضوابط الصحية واستعدادهم للتضحية بهواياتهم ولذاتهم من اجل منع انتشار الوباء. يسجل للشعب البحراني الأصلي (بشيعته وسنته) تعاطيه الإيجابي مع الوباء واستعداده لاتباع كافة الإجراءات الصحية التي وصفها الأطباء. وعلى مدى عام ونصف بذلوا ما في وسعهم للتعايش مع الوضع وتحمل المعاناة في ظل وضع سياسي واقتصادي مروّع.
الطرف الثاني يتمثل بالأطباء البحرانيين الذين أظهروا براعة ومهنية وتضحية لانقاذ الآخرين والحفاظ على سلامتهم. هؤلاء الأطباء كانوا مثالا للتضحية والعطاء والالتزام والإنسانية. وهذا ليس جديدا بل ان أطباء البحرين الاصليين (شيعة وسنة) ما برحوا كذلك. وكانوا دائما يواجهون التدخلات الخليفية الاجرامية التي حالت دون توفير الدواء للكثيرين. كان ذلك جليا خلال الثورة المظفرة بأذن الله تعالى، حيث مارس الطغاة الخليفيون سياسات تعتبر من جرائم الحرب، فلم يكتفوا بمنع الأطباء عن علاج المرضى فحسب، بل اعتقلوا الكثيرين من الطواقم الطبية من أطباء وممرضين وأودعوهم السجن بضع سنين ومنهم الدكتور علي العكري ومن الممرضين رولا الصفار وابراهيم ا لدمستاني. هؤلاء الأطباء تعرضوا لأبشع أصناف المعاملة الحاطة بالانسانية، وتم التعامل معهم كمجرمين لأنهم التزموا بأخلاق المهنة وقدموا العلاج لمن يحتاجه من الجرحى والمصابين. وما أوسع الفرق بين الخليفيين الذين اعتبروا واجبهم إطلاق الرصاص على البحرانيين وقتلهم، او اعتقالهم وتعذيبهم في السجن، والأطباء الذين أمنوا إيمانا راسخا بأن واجبهم الإنساني يقتضي تقديم العلاج للمصابين الذين مزق الخليفيون أجسامهم بالرصاص الحي والانشطاري.
اما الطرف الثالث فيتمثل بالعصابة الحاكمة التي هي صاحبة القرارات جميعا. هذه العصابة فشلت تماما في إدارة ملف الوباء واصبح يهدد اهل البحرين جميعا. تمثل هذا الفشل بعدد من الإجراءات التي ساعت على انتشار فيروس كورونا على نطاق واسع؟ فالخليفيون كانوا انتقائيين في ما يسمحون به وما يمنعون، ولم يقيموا حكم القانون الذي يردع المخالفين. فسمحوا بالتجمعات التي تخدم سياساتهم بينما ضيّقوا على ما لا يناسب سياساتهم وان التزم منظموه بكافة الضوابط الصحية. الجانب الآخر انهم فتحوا المعابر الحدودية على مصاريعها بهدف التظاهر بعودة الامور الى حالتها الطبيعية. فلم يوقفوا خطوط الطيران للبلدان الموبوءة مثل الهند التي شهدت انتشارا واسعا للوباء في الشهور الاخيرة. الجانب الثالث: انهم فتحوا الجسر بين البحرين والسعودية ولم يطبقوا القواعد الصحية على من يعبره من الجانب السعودي. وبهذا انتشر المتحور الهندي السريع الانتشار، واصبح على الشعب ان يدفع فاتورة السياسة الخليفية الفاشلة. هؤلاء الطغاة تظاهروا في بداية الامر بالاهتمام بدوافع سياسية ومذهبية بحتة، فعرقلوا عودة الزوار البحرانيين الذين علقوا بمدينة مشهد بذريعة محاصرة الوباء. لكنهم فتحوا الباب امام العمال الاجانب الذين استقدمت الكثيرين منهم عناصر خليفية تبحث عن المال بأية وسيلة. الجانب الرابع رفضهم إطلاق سراح السجناء السياسيين برغم تأكد أنباء انتشار الوباء في طوامير التعذيب. فمنذ شهور كان واضحا ان عددا من عنابر سجن جو السيء الصيت ومبانيه اصبح موبوءا، وان حياة السجناء السياسيين في خطر. وصدرت القرارات الدولية والدعوات للخليفيين لتبييض السجون، ولكن بدون جدوى. وأصر الطاغية وعصابته على التنكيل بالبحرانيين خصوصا معتقلي الراي، حتى حلت الكارثة واصبحت السجون موبوءة بمعدلات غير مسبوقة من الاصابة.
في ظل هذه الحقائق يتضح ان الجانب الاكبر من التقصير والفشل كان من الجانب الخليفي الذي تصرّف بعقلية المحتل وتعامل مع الوباء بتلك العقلية. فما دام يعصف بالسكان الاصليين ويعرقل حياتهم فما الضير من ذلك؟ هذه العقلية التي تنطلق من مشاعر الحقد والكراهية والكيد لا تصلح لبناء دولة حديثة تسعى لحماية مواطنيها والسهر على راحتهم. الخليفيون لم يمتلكوا يوما عقلية الحكم الحديث، بل تعاملوا دائما مع البحرانيين كأعداء يتطلب الامر إبادتهم بشكل تدريجي. انها واحدة من المأسي التي تعم البلاد منذ زمن، وعلى وجه التحديد منذ ان فرض الديكتاتور على الشعب ميثاقه المدمر الذي أصبح عنوانا لكل ما هو شر وخدعة وتآمر.
وماذا بعد؟
ليس هنتاك أمر أفظع من انتشار الوباء في اي بلد. لذلك تسارع الحكومات المتحضرة لحماية مواطنيها بكل ما تملك، وتخصص فرق العمل من كافة التخصصات للعمل المتواصل والسهر من اجل مصلحة الوطن والمواطنين. وقد حقق بعض هذه الحكومات علاجات فعلية نتيجة سياساته ونظراته المتفتحة. اما الفاشلون كما هم حكام البحرين فلم يحققوا شيئا يذكر في مجال حماية الافراد وتوفير احتياجاتهم المعيشية والصحبة. فما أكثر صرخات الاستغاثة المنطلقة من قلوب الامهات اللاتي يبكين حرقة على ابنائهن المأسورين لى العصابة الخليفية. وما الاعتصامات المتواصلة للمطالبة بالافراج عن المعتقلين السياسيين الا تجسيد للمشاعر الانسانية التي تتصارع في نفوس هؤلاء وتفرض على بعضهم مواصلة طريق النضال من اجل ضمان مستقبل البلد وأهله. هؤلاء المواطنون لديهم نفوس كبيرة وشعور عميق بالكرامة وعشق للحرية ورفض للظلم. لذلك فشل الطاغية وعصابته في تطويعهم، ورفضوا المساومة على كرامتهم وحريتهم وإنسانيتهم، ورفضوا تكبيل أبنائهم المرتهنين لدى الخليفيين بعقوبات بديلة تجرّمهم ظلما، وقد تفرج عن أجسادهم من طوامير التعذيب ولكنها تعتقل أرواحهم وتسلبها الحرية. هؤلاء هم العشاق الحقيقيون للحرية والكرامة والإنسانية، هؤلاء الذين يخاطب لسان حالهم طغاة الرفاع بالكلمة التاريخية التي أطلقها سماحة الشيخ عيسى قاسم: ستعجزون ولن نعجز. هذه الروح هي التي ستحقق النصر للشعب وتهزم الطغاة والظالمين بعون الله تعالى، وما ذلك على الله بعزيز
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الإسلامية
28 مايو 2012