ثبات الشعب وخيانة الحكم، فصل آخر من صراع الأضداد
لم يُفهم من إعلان المدعو خالد يوسف الجلاهمة على الملأ استلامه منصبه كسفير للخليفيين لدى الكيان الاسرائيلي، ومن ثم توجهه الى تل أبيب سوى الصفاقة والصلافة والتحدي. وكلها في غير وقتها ومكانها. فما الذي يجدي الخليفيين من تصعيد المواجهة مع الشعب البحراني في هذا الوقت؟ كانت الدبلوماسية والتفكير المنطقي يقتضيان موقفا مختلفا خصوصا بلحاظ التقارب الاماراتي – القطري الذي قطع شوطا كبيرا الاسبوع الماضي، وبلحاظ حالة التهميش السياسي التي يعاني الخليفيون منها على صعيد الاقليم؟ لذلك تميز تصريح الجلاهمة بانه خارج سياق العقل والحصافة والرغبة في التصالح مع الوطن والشعب. واعتبره الشعبان البحراني والفلسطيني تعديا على فلسطين وتملقا للعدو. وعبرت حركة حماس عن موقفها الغاضب إزاء التطبيع الخليفي واعتبرته تعديا على فلسطين وشعبها. مع ذلك لم يغير الجلاهنمة نغمة تصريحه التي أصابت الكثيرين من ابناء فلسطين بالتقزز والغثيان. فهل يعقل ان يتصرف مسؤولي عربي مسلم بهذه الطريق؟ هل من الحصافة بمكان ان يعتدي على مشاعر الوطن واللشعب بهذه الصفاقة الممقوتة؟ وإلى متى يُفرض على الشعب ان يتعايش مع نظام حكم لم يتأقلم معه قط؟ فهل هذا يخدم الأمن والسلم الدوليين في نظر داعمي الخليفييين؟
كان واضحا ان الجلاهمة عبد مأمور، خنع امام طغاته واستسلم لغرور نفسه وجشعها وقبل بالمنصب الجديد كسفير يمثل عصابة محتلة لدى عصابة أخرى احتلت ارض فلسطين في غفلة من الزمن. فقد جاء إعلانه موعد انتقاله الى تل أبيب بعد بضعة أيام من حدث آخر لا يقل أهمية. فقد سعت حكومة الامارات لإعادة العلاقات مع دولة قطر عبر بوابات عديدة. اولها زيارة طحنون بن زايد للدوحة ولقاؤه مع أميرها، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وتم خلال اللقاء ملف العلاقات بين البلدين ورغبة أبوظبي في تجاوز ما حدث في الماضي القريب من اعتداء على السيادة القطرية بحصار قطر بشكل محكم ومنع اية حركة تحررية من الوصول الى نتائج مرضية. وبموازاة ذلك كشفت الدبلوماسية الاماراتية عن وجود شروخ عميقة سواء في التحالف الخليجي نفسه ام لدى المنظومة السياسية التي تشكل محور الارتكاز للتحالفات المستقبلية.
مما تقدم يمكن طرح ما يلي:
أولا: ان الخليفيين يتجهون نحو خسارة شاملة على مختلف الصعدان، المحلية والاقليمية والدولية. فعلى الصعيد المحلي فشلت العصابة في استمالة السكان الأصليين، فقد استمرت في استهدافهم عقائديا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ولكل من هذه الصعدان مصاديقه كالتالي: اولا: استهداف الشعائر الدينية خلال موسم العاشوراء عمّق الشعور الشعبي بكره الحكم الخليفي الذي أصر على الدفاع عن الجريمة التاريخية التي ارتكبها الامويون بحق آل بيت رسول الله. فأمروا جلاوزتهم بإزالة الرايات السوداء والاعلام، وهددوا المآتم واعتقلوا الرواديد بدون رحمة. ثانيا على المستوى الثقافي تنكروا للسكان الأصليين وأبعدوهم عن المشهد الثقافي جملة وتفصيلا، فلا وجود لهم في وسائل الإعلام الرسمية المرئية والمقروءة. وسلطوا عليهم أبواقا كريهة ما فتئت أقلامها تنضح بالطائفية والحقد، خصوصا من ذوي الأصول غير العربية. ثالثا: على الصعيد السياسي أصر الخليفيون على الهيمنة المطلةق على الحكم والوظائف الرئيسية في الدولة، وسعوا لاستقطاب مجموعات صغيرة من الهامشيين ليبثوا اليأس في النفوس ويوجهوا اللوم الدائم للنشطاء ويستهدفوا المعارضة بدون توقف. ورفضوا مبدأ الشراكة السياسية والتعددية في الحكم. رابعا: على الصعيد الاقتصادي حرم البحرانيون من نصيبهم العادل من ثروات وطنهم الذي احتله الخليفيون بالقوة وسلبوا خيراته. وفي الفترة الأخيرة هرع الخليفيون لدعم الاقتصاد الاسرائيلي بالاستثمار ودعم مشروعات صناعية تابعة لقوات الاحتلال. وكشفت الدراسة الاخيرة التي صدرت عن مشروع بيجاسوس ان ا لخليفيين سبقوا الآخرين في دعم مجموعة ان اس أو الاسرائيلية بعشرات الملايين واستخدموا منظومتها التجسسية لاستهداف البحرانيين. سادسا: على المستوى الاجتماعي شيّد الخليفيون جدرانا عازلة بين أبناء الوطن باثارة النعرات الطائفية وضرب مبدأ “المواطنة المتساوية”. كما رفضوا الانخراط في المجتمع البحراني الأصلي (بشيعته وسنته).
ثانيا: على الصعيد الاقليمي: كشفت التطورات الاخيرة عن فشل دبلوماسي ذريع للخليفيين. فقد تجاهلهم منظمو مؤتمر بغداد الاسبوع الماضي، ولم يدعوهم للحضور بينما حضرت كافة دول الخليج الاخرى بالاضافة لإيران وتركيا. وشعر الخليفيون انهم أصبحوا كالجمل المصاب بالجذام الذي يتم إبعاده وعزله لكي لا تنتقل عدواه للآخرين. كان غياب الخليفيين تأكيدا لحالة العزلة التي يعيشونها وأن من لا يحترمه شعبه يفتقد احترام الآخرين. كما تخلى عنهم “حلفاؤهم” الخليجيون، فاستسلموا للأمر الواقع وحضروا مؤتمر بغداد تاركين حكام الرفاع يندبون حظهم العاثر. وهذا جزاء من يخون شعبه وأمته وقضيته. وكانت هناك هزيمة دبلوماسية أخرى تركتهم يلعقون جراحهم في صمت. فقد تخلى حكام الامارات عنهم، وتواصلوا مع دولة قطر في محاولة لإصلاح العلاقات. وترك الخليفيون خارج إطار المصالحة مع الدوحة. وبغض النظر عما اذا كان التواصل الاماراتي – القطري سيؤدي الى انفراج العلاقات ام الى الفشل، فقد اتضح تلاشي الأهمية السياسية لحكام الرفاع حتى لدى حلفائهم. وسعوا للتعتيم على تلك الاخفاقات بخطوة أخرى ستزيد من عزلتهم الداخلية والعربية، وذلك بتكثيف التواصل مع قوات الاحتلال، وإرسال سفيرهم الى تل أبيب. وارتكب الخليفيون خطأ تكتيكيا آخر عندما سمحوا لذلك السفير بالتبجح والتباهي بانه سيمثل الخليفيين لدى الصهاينة. فقد ساهم ذلك في تعزيز الرفض الشعبي للسياسات الخليفية، وتعمقت مشاعر الكره لهذا النظام الذي اعتبروه خائنا وعميلا وعدوا لفلسطين وشعبها. وخرجت التظاهرات والاحتجاجات بمشاركة الأحرار لتحتج ضد الطاغية الخليفي الذي عرّض البحرين لوضع أمني وسياسي واقتصادي لا تحسد عليه. فبالاضافة لتصاعد القلق من الوجود الاسرائيلي على امن البحرين نتيجة النشاط الذي ستمارسه اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، هناك ظاهرة الاستقطاب التي تزداد حدّة نتيجة تعمق غضب رافضي الاحتلال. ومن المؤكد ان فتح الباب للاسرائيليين لإرسال قواتهم البحرية وبناء محطات التجسس في البحرين سيساهم في إذكاء الغضب في نفوس رافضي التطبيع مع قوات الاحتلال. وبذلك يصبح الخليفيون عاملا منشطا لهذه الصراعات والتوترات، في الوقت الذي تحتاج المنطقة فيه لأمن واستقرار.
كانت ردة فعل شعبنا واضحة وفاصلة. فقد تظاهر شبابه واحتجوا ضد الخطوات الخليفية الخيانية، وسجل بعض مثقفيه ومفكريه وناشطيه السياسيين اعتراضه ورفضه المشروع الخليفي – الاسرائيلي، وغرّد بعضهم ضده. ويتوقع تصاعد حدة المعارضة للمشروع الخليفي – الاسرائيلي خصوصا بعد الاعلان عن دور الخليفيين في اختراق هواتف المواطنين بعد شرائهم برامج التجسس الاسرائيلي في العامين الماضيين. انها جريمة كبرى ان يفتح الخليفيون ابواب البلاد على مصاريعها امام أعداء الأمة ويطلبوا الدعم العسكري لتثبيت استبدادهم أمنيا وعسكريا. هذه الجريمة سيعاقب الطاغية وعصابته بسببها، وسيأتي اليوم الذي يمثلون فيه امام قضاء عادل يقتص للامة والشعب من جرائمهم الخيانية. وسيتواصل صمود البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) ويستمروا في النضال حتى يتحقق التغيير المنشود ويسقط الاستبداد والطغيان والعمالة والخيانة، وذلك وعدٌ غير مكذوب
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
3 سبتمبر 2021