معالم المعركة الفاصلة المقبلة بين البحرانيين والخليفيين
حتى الأسبوع الماضي ربما كان لدى البعض من الذين لم يعوا بعد حقيقة الحكم الجاثم على صدر الشعب اعتقاد بوجود نية لدى ولي العهد رئيس الوزراء الحالي للقيام ببعض “الاصلاحات” السياسية. ولكن مجريات الأمور أكدت بما لا يدع مجالا للشك توجه الخليفيين لتصعيد القمع ضد الشعب الى مستويات غير مسبوقة، وعدم استعدادهم للقيام بأية مبادرة إصلاحية. ويوما بعد آخر تتأكد صحة منطلقات ثورة 14 فبراير وواقعية المطالبين بتغيير جوهري سقفه إنهاء حقبة حكم هذه العصابة التي تزداد توحشا بمرور الوقت. ومن معالم تغولها ما يلي:
أولا: الإصرار على أساليب المراوغة والخداع والتضليل والتدليس. فما برح الخليفيون يستخدمون لغة المعارضة لإسكات الاصوات المعارضة في الداخل والخارج. وقد سخرت وسائل اعلامها وابواقها ضمن حملة اعلامية ونفسية مدروسة لزعزعة ثقة الشعب بنفسه وقدراته وابنائه، وإدخال الشك في النفوس حول مدى القدرة على تحقيق التغيير. كما يسعى الخليفيون لإسكات الاطراف المطالبة بالاصلاح الحقوقي والسياسي من خارج الحدود. فالخليفيون يتحدثون للجهات الحقوقية الدولية كمجلس حقوق الانسان والبرلمان الاوروبي واعضاء البرلمانات والحكومات الغربية بلغة الاصلاح وحقوق الانسان لتخفيف الضغوط التي استطاع الناشطون إيجادها من خلال نشاطهم المتواصل. يتحدث الخليفيون لبعض العلماء بلغة الدين والامن والاستقرار، ويروج مرجفوهم لغة التفاهم والبيت الواحد مستخدمين العصا والجزرة. ويسعون لاختراق المجموعات الايديولوجية والسياسية عن طريق بعض افرادها بعد جهود متواصلة لشراء مواقفهم وتجنيدهم لصالح المشروع الخليفي – الصهيوني. كما يسعون لاستخدام بعض المفرج عنهم من السجناء والعائدين من الخارج لترويج مقولات تهدف لمحاصرة العناصر الثابتة وتشكيك الناس بها.
ثانيا: عدم وجود أي توجه للحوار مع المطالبين به او الإصلاح الذي تحدث البعض عنه. فبرغم تكرار الدعوة للحوار من قبل بعض المجموعات السياسية فقد اكد الخليفيون رفضهم المطلق لأي حوار ذي معنى، برغم تمرير بعض الإيحاءات بوجوده (الحوار) مع بعض العلماء او السياسيين السابقين او الوجهاء. وعند التحقق يتضح عدم وجود اي حوار مطلقا، بل محاولات متواصلة لتمييع المواقف عديمة الجدوى. فالخليفيون يرفضون الاعتراف بشعب البحرين فضلا عن التحاور معه. وبرغم كشف خطط التجنيس ومصاديقها ما يزال البعض مستعدا للتنازل عن قيمه ومبادئه وان يكون سوطا للخليفيين على اخوته وبني قومه. فالحوار يتضمن استعدادا لتقديم بعض التنازلات، بينما ليس لدى الخليفيين اية نية لتقديم اي تنازل خصوصا في المجال السياسي. فهم يسعون لفرض كلمتهم على الشعب دائما، ابتداء بفرض الدستور، مرورا بمجالسهم الصورية، وصولا الى طبيعة الحكم وهويته. وليس هناك اي اختلاف في النوايا والممارسات بين أفراد العصابة، بدليل ان صعود سلمان بن حمد الى رئاسة الوزراء لم يصاحبه تغيير في المناصب والمسؤوليات وآليات اتخاذ القرار او اية اجراءات أخرى لتخفيف القبضة الحديدية على الوطن والشعب.
ثالثا: تحديد سقف ما لدى سلمان بن حمد متمثلا بـ “العقوبات البديلة” لحصر قضية البلاد بالحالة الامنية. وقد استغل الخليفيون الحالة النفسية للعائلات والسجناء لفرض هذا المشروع، بعد تجنيد عناصر لترويجه بعد ان تم تحسينه بمساحيق كاذبة، واظهاره خطوة جبارة على طريق تحرر السجناء من طوامير التعذيب. وقد انساق البعض وراء تلك المقولات وروجوا لها ويحاول الخليفيون طرحها كخيار وحيد لخروج المعتقلين من السجون، وبذلك رفضوا المطالبات الجادة من الجهات الحقوقية والسياسية الدولية بالافراج الفوري غير المشروط عن السجناء السياسيين. هذه الدعوة انطلقت من لجنة بسيوني قبل عشرة اعوام وكررها الحقوقيون والسياسيون بشكل متواصل. بينما يسعى الخليفيون لتجاوزها بمشروع العقوبات البديلة الذي يدين السجناء ويجبرهم على التنازل عن حقوقهم الانسانية التي يفترض ان لا يساوموا عليها. ونؤكد هناك حتمية تحرر السجناء من الرق لدى الخليفيين، وسيجد الذين يقبلون بالعقوبات البديلة انهم وقعوا على التنازل عن حقوقهم وحريتهم، وان من لم يوقّع ذلك سيتحرر أيضا لان أسياد الخليفيين أمروهم بإخلاء السجون. ويسعى الطاغية وعصابته لتسجيل نقاط اضافية في الوقت الضائع. لقد وجّه الرموز الأبطال كالاستاذين حسن مشيمع وعبد الوهاب حسين والشيخ علي سلمان والدكتور السكنيس والبقية ضربة مدمرة لمشروع العقوبات البديلة وقال الاستاذ حسن مشيمع كلمته التاريخية ردا على ذلك المشروع القذر: رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه. فطوبى له وندعو الله ان يحميه من كيد ا لخليفيين الذين يخططون لتصفية معارضي مشروعهم الاجرامي الخياني.
رابعا: استخدام كافة الوسائل لقمع الشعب البحراني ولو تطلب ذلك استئصاله. لم يتوقف القمع يوما في التاريخ البحراني المعاصر، فالمعتقلون السياسيون اكتظت بهم السجون منذ اكثر من نصف قرن، وما يزالون يساقون فرادى وجماعات الى الزنزانات لأبسط الأسباب. وما الاعتقال الجماعي الذي حدث الاسبوع الماضي وإصدار الاحكام الجائرة بحق عدد المواطنين إلا تأكيد لطبيعة الخليفيين كعصابة مارقة تستخدم العنف لفرض حكمها على الأغلبية الساحقة من الشعب البحراني الأصلي (شيعة وسنة). كما ان الاعتماد على الأجنبي لتوفير الحماية والأمن للعائلة المحتلة تأكيد آخر لغربتها عن الوطن والشعب وإصرارها على سياساتها التي تعتمد القوة والإكراه بدلا من الحكم وفق قيم التراضي والاحترام والاعتراف المتبادل وتقاسم السلطة.
خامسا: التطبيع مع محتلي فلسطين لتوفير القوة العسكرية والامنية الخارجية لحماية حكم العصابة الخليفية. لقد أصبحت هذه السياسة السبب الأخير للطلاق الأبدي بين البحرانيين والخليفيين الذين ارتكبوا الخيانة العظمى بدون تردد. وفي الأسبوع الماضي اكتملت خيانتهم باستقبال سفير الاحتلال من قبل طغاة الرفاع وبدء سفيرهم لدى الاحتلال عمله في تل أبيب. ومرة أخرى جدد البحرانيون عهدهم مع قضية فلسطين معتذرين لله ولشهداء القضية ولرسول الله الذي صلى بمسجدها في القدس. فطرحوا شعار “بحرانيون ضد التطبيع، وحولوه الى شارة على وسائل التواصل الاجتماعي، وغردوا وكتبوا المقالات وتحدثوا لوسائل الاعلام وخرجوا في الشوارع هاتفين ضد التطبيع والخيانة واعتقل بعضهم بسبب ذلك. لقد اتضحت طبيعة الاستبداد الخليفي وتأكد للقاصي والداني انه لا يمثل الشعب ابدا، وان هناك بونا شاسعا بين الطرفين، وان اية محاولة لفرض التعايش ستفشل. صحيح ان الخليفيين وظفوا إعلامهم وابواقهم لتمرير جريمتهم، واستعانوا بعدد غير قليل من المطبلين والمرجفين ولكن ذلك لن يحقق لهم ما يريدون من تطبيع وخيانة وسياسات تشرعن حكمهم واستبدادهم. لقد حدث الطلاق الأبدي ولن يستطيع أحد إعادة الثقة بينهما، او إعادة تسويق الحكم الخليفي بمقولات الواقعية والعقلانية والمصلحة.
سادسا: محاولة تعميق اختراق الصف الوطني عن طريق مجموعات الإرجاف والغوغاء وتعميق حالة ا لتشكيك في اوساط المواطنين. وقد بدأت أصوات الإرجاف تتصاعد من عناصر كانت محسوبة على المعارضة، وهذه ظاهرة طبيعية تمارسها انظمة الاستبداد دائما وفي كل مكان، ولا تعكس ذكاء سياسيا خارقا. ولكن متى نجحت تلك الأصوات في كسر شوكة الشعوب؟ لقد مورست هذه الأساليب من قبل النظام العنصري في جنوب أفريقيا، وأرسل الرئيس الابيض آنذاك، ديكليرك مبعوثيه الى السجن لثني مانديلا عن مواقفه وقالوا له: الرئيس يريد الإفراج عنك، ولكنه يطلب منك التعهد بالصمت وعدم ممارسة دور سياسي. فرفض ذلك جملة وتفصيلا, ومرت الأيام وتحرر مانديلا وسقط النظام العنصري. وكان هناك مرجفون في إيران في أيام الثورة وقبلها وفي العراق ومصر والسعودية. ولكن حركة الشعوب لا يمكن مصادرتها بالابواق السلطوية او التضليل والتشويش او الوعود الكاذبة. لقد سخر الله لهذا الشعب قادرة كبارا كسروا شوكة الخليفيين مرارا، وأرغموهم على تقديم التنازلات. هذه المرة لن يقبل هؤلاء بأقل من حدوث تغير سياسي جوهري يؤدي لإنهاء الحقبة السوداء وقطع دابر الفتن الخليفية والضرب على ايدي العابثين بأمن الوطن والمواطن وسيادة البلاد، وقطع جذور الخيانة والعمالة والاستئصال.
وبعون الله سيتحقق النصر للوطن والشعب وينهار النظام الخائر الخائن الجائر الظالم، بإرادة الله تعالىز
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
17 سبتمبر 2021