ولي العهد الخليفي يتلقى الصفعات لتدميره البيئي والسياسي
لم يحظ ولي العهد الخليفي خلال زيارته بريطانيا مؤخرا لحضور مؤتمر المناخ بما كان يتوقعه من حفاوة وتقدير، إلا من نظيره الصهيوني. فيوما بعد آخر تتضح صورته الحقيقية أمام داعميه الذين حاولوا تسويقه كـ “رجل إصلاح” كما فعلوا مع طغاة آخرين قبله. انهم لا يعرفون حقيقته فحسب، بل ربما يشجعونه على ما يمارسه من استبداد واضطهاد. هذا التشجيع يتحقق تارة بدعمه أمنيا وسياسيا وعسكريا، وثانية بترويجه مصلحا وصاحب مشروع سياسي منفتح، وثالثا بالصمت على ممارساته القمعية وغض الطرف عن جرائمه. مع ذلك استطاع نشطاء الحقوق والسياسة التأثير على مواقف سياسيين كثيرين في العواصم الغربية، ومن بينهم اعضاء بالبرلمان البريطاني نفسه، فما ان حطت قدما الطاغية الخليفي هذا البلد حتى خاطبه السياسيون والبرلمانيون بلغة الشجب والاستنكار والمطالبة بالإفراج عن السجناء ا لسياسيين خصوصا الدكتور عبد الجليل السنكيس. وثمة قضايا جديدة تجدر الاشارة اليها، منها ما يلي:
اولا: ان ولي العهد رئيس الوزراء الخليفي قرر سياساته قبل ان يستلم رئاسة الوزراء من خليفة بن سلمان في مثل هذه الأيام من العام الماضي. وبعد مرور عام على ذلك تأكدت حقائق عديدة اولها ان سلمان بن حمد لديه وفاء كامل لسياسات العصابة التي ينتمي اليها وانه سائر على خط ابيه الذي اتسم بالقمع والقسوة والعداء العميق للشعب البحراني وارضه وقيمه. ثانيها: ان جعبته خالية من اي مشروع إصلاحي، بعكس ما يدعيه داعموه في واشنطن ولندن، فلا مجال للتعويل عليه ولا مصلحة أبدا من استجداء الحوار معه. ثالثها: انه صهيوني حتى النخاع، وقد أظهر ذلك جليا عندما انخرط في مشروع التطبيع ولحق بالامارات في ذلك النهج الذي أدانه شرفاء الامة وأحرارها، وأكده لقاؤه الأخير مع نظيره الاسرائيلي على هامش مؤتمر البيئة في جلاسجو. رابعا: ان القمع سيبقى دينه وسياسته ونهجه، وهذا واضح من الاعتقالات والاستدعاءات والتهديدات والاحكام القاسية بحق البحرانيين رجالا وشبابا وأطفالا. ولو كان لدى هذا الديكتاتور نية إصلاحية لبادر بإرجاع جنسيات البحرانيين التي سحبتها عصابته ظلما وتعسفا وغرورا. وقد أحيا البحرانيون في الاسبوع الجاري الذكرى التاسعة لصدور أول قرار خليفي بسحب الجنسية من 31 مواطنا بحرانيا أصليا. فأقاموا الندوات وكتبوا المقالات وبثوا التغريدات للتذكير بهذه الجريمة الخليفية التي يمن تصنيفها ضد سياسة الإبادة التي تنتجها. برغم ذلك سيظل البحراني الأصلي (شيعيا كان ام سنيا) بحرانيا، وسيظل الخليفي غريبا عن الارض والشعب والانسانية دائما.
ثانيا: ان سلمان بن حمد عدو للحريات، ولا مجال للتفاؤل بإمكان حدوث تغيير في ذلك. وجاء قراره هذا الأسبوع إلغاء ندوة حول الاقتصاد كان الاستاذ إبراهيم شريف، تأكيدا لهذا المنحى. فاذا كان هذا الديكتاتور لا يسمح بانعقاد ندوة صغيرة تناقش موضوعا حيويا يتصل بحياة الجماهير، فكيف سيكون إصلاحيا؟ وكيف يمكن ان تتوقع المعارضة السياسية انه سيقبل بالتحول الى مملكة دستورية او سيسمح ببرلمان كامل الصلاحيات ورئيس وزراء منتخب؟ المعارضة الثورية حسمت موقفها بوضوح وأدركت استحالة إصلاح نظام نخره الفساد وأصبحت رموزه تستمريء القمع والاضطهاد والاستبداد، ورفعت شعار إسقاط النظام كمخرج للبلاد من الأزمة السياسية المستفحلة. والأمل ان تعيد الجمعيات السياسية (او من بقي منها مسموحا له بالعمل بعد حل الوفاق ووعد والعمل الاسلامي) حساباتها وتتوقف عن التشبث بالقشة لكي لا تغرق. مطلوب من الحصيفين من البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) غلق ملف الماضي وإعلان القطيعة الأبدية مع الحكم الخليفي التوارثي الاستبدادي الظالم، والسعي لإقامة منظومة سياسية جديدة تعيد للبلاد سيادتها وللشعب حقوقه المسلوبة.
ثالثا: أغلنت حكومة الكويت هذا الأسبوع قرار حكومتها الإفراج عن أغلب السجناء السياسيين وغلق ملف الأزمة التي نشبت في السنوات العشر الاخيرة بينها وبين بعض مكونات المجتمع. انه قرار حكيم بدون شك، فذلك ما يتوقع من حاكم يتطلع لبدء عهده بتوافق وتصالح مع الشعب الذي سيحكمه، وغلق ملف الحقبة التي سبقته بما فيها من مرارة وألم وخلاف. ومن المؤكد ان الشعب الكويتي يثمن لحاكمه هذه المبادرة. وقبل الكويت كانت حكومة سلطنة عمان قد بيضت معتقلاتها من السجناء السياسيين، وقررت غلق ملف الأزمة التي عصفت بالبلاد إبان ثورات الربيع العربي قبل اكثر من عشرة اعوام. بهذه الروح استطاع سلطان عمان تجاوز العقد السياسية والنفسية وفتح صفحة جديدة بعد ان طوى صفحة الماضي. فأين ا لخليفيون من هذه الروح؟ انهم يتفننون في عدائهم الشعب، ويستعينون بالأجانب لحمايتهم من غضب الشعب الذي اضطهدوه وظلموه وسعوا لمحوه باستقدام شعب آخر من خارج الحدود. فأين الثريا وأين الثرى؟ أين سياسات الخليفيين الجائرة والمتوحشة من سياسات بقية حكومات الخليج خصوصا الكويت وعمان؟ ما الذي يأمل الطغاة الخليفيون تحقيقه بهذه السياسات الرعناء؟ هل يتوقعون ان يرفع الشعب الراية البيضاء لهم؟ يستحل ذلك، ومن يصدقه فهو معتوه وسطحي وتافه. فشعب البحرين الذي صمد نصف قرن منذ الاستقلال، لن يغير موقفه المصر على تحقيق التغيير الجوهري الذي يحرر البلاد من التبعية لعصابة مجرمة تتلذذ بظلم البحرانيين وتستمريء الخيانة والتحالف مع اعداء الأمة، وتصر على سياساتها التي فشلت المرة تلو الأخرى. دروس من الكويت ومسقط يرفض الخليفيون الاستفادة منها.
رابعا: سيظل ملف السجناء السياسيين يطارد الخليفيين أينما حلّوا. فلا يمكن نسيان قضيتهم مهما كانت ا لظروف، وليس بالامكان تجاوز الجرائم التي ارتكبها الخليفيون بحق الشعب وقتلهم الأبرياء مع سبق الإصرار والترصد. ان من غير المعقول نسيان هدم المساجد وتعذيب الأبرياء حتى ا لموت وإعدام الإبرياء الذين لم يرتكبوا جرما يعاقب القانون عليه. يستحيل ان يتغافل البحرانيون عن الملفات الحقوقية التي تعتبر من أكثر ملفات العالم سوادا وتراجعا وانحدارا. لذلك يتوقع استمرار الآزمة السياسية في المستقبل المنظور، وسيتواصل ظهور الوجه الحقيقي للخليفيين. ان البحرين على مفترق طرق خطير، وهو بين ان يكون او لايكون، بين ان يعيش شعبا حرا أبيا، ينتمي للأمتين العربية والإسلامية ويحتضن قضاياها ويشاطرها همومها، ويتفاعل بإيجاب وعزم مع قضية فلسطين، مهما كانت تكلفة ذلك. سيظل ملف المعتقلين السياسيين جرحا نازفا لدى الشعب المفجوع بأبنائه وبناته، وستظل اللعنة تلاحق السجانين والجلادين والمستبدين. الامر المؤكد ان هؤلاء المعتقلين سيتحررون قريبا بعون الله، بعد ان قضوا ما يقرب من ربع عمرهم وراء القضبان. هؤلاء الأسرى اصبحوا عنوان الصمود والتحدي والشموخ، ولن يستطيع أحد مساومتهم على حريتهم وحقوقهم، فهم عمالقة صامدون كالجبال، يرفضون الإهانة والأذلال ويصرون على مواصلة درب الحرية حتى تتحقق للشعب حقوقه وينتهي عهد الظلم والاستبداد.
ان الروح العظيمة التي تسري في جسد الشعب البحراني منذ قرون أقوى من إرادة المحتلين والمستبدين والظالمين. هذه الروح هي التي دفعت الأبطال الى الميادين ماضيا وحاضرا، هاتفين من اجل الحرية ، ومطالبين بتحول ديمقراطي حقيقي، ومؤكدين على حق الوطن في استرداد سيادته وحق الشعب في تقرير مصيره، وحق العائلات في تحرر أبنائهم من الأسر الخليفي. هذه الروح تزداد رسوخا كلما أوغل الخليفيون في الظلم والاضطهاد والعدوان والتطبيع والخيانة. لقد بلغ الوضع نقطة اللاعودة، وهذا يعني ان طريق التحرر أصبح سالكا، وسيصل السائرون عليه الى أهدافهم المنشودة بعون الله تعالى.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
12 نوفمبر 2021